صاحب العينين الفضاحتين!

صاحب العينين الفضاحتين!

  • صاحب العينين الفضاحتين!

اخرى قبل 2 سنة


صاحب العينين الفضاحتين!

بكر أبوبكر

إن عرّجنا على المروءة مقابل "الكذب المكتوم" غير ذاك الجليّ فخذوها من أمة العرب وحضارة المسلمين، فكما قال الماورديُّ[1]: (المروءَة مراعاة الأحوال إلى أن تكون على أفضلها، حتَّى لا يظهر منها قبيحٌ عن قصد، ولا يتوجَّه إليها ذمٌّ باستحقاق).

أما عن "الكذب المكتوم" فانظروا لبيت الشعر الجميل والواضح جدًا ما يسجل في علم الاتصالات وقراءة العيون وكوامن النفوس لقيس بن الملوح:

تُريكَ أَعيُنُهُم ما في صُدورِهِمُ *** إِنَّ الصُّدورَ يُؤَدِّي غَيبَها النَّظَرُ

وأحد ممّن عرفناهم كانت عينيه المتملصتين فضّاحة، تضجّ بالحقد والحسد والبغضاء والغلّ حتى هو يبتسم لك باصفرار، أو يحاول أن يبدو غير ذلك! فعينيه فضّاحة بلا أي شك، تفيض حريقًا وتدور في محجريها تبحث عن كلمات تخالف معناها الجليّ فلا تجد.

أعرفه قليل الحظ من الفكر والثقافة كما هو قليل الحظ من العلم والفهم والوعي، ويحس بالنقص الشديد أمامي فتنكمش نفسه وتعلو عقدة النقص لديه، ولكنه الى ما سبق كان كبير الحظ ب"دق الخوازيق" و"المؤامرات" و"اختلاق الاكاذيب" وهذا ليس عن اتهام، وإنما عن مخالطة طويلة للأسف، ومع شيبته اليوم لم يتعلم إلا ان يصدّر الكذب والكراهية والحقد.

ولنعد للمروءة كما يكتب محمود الشال مفتخرًا بأمته العربية والاسلامية،ويحق لنا وله الفخر، فإن (المروءة خُلُق عربي أصيل، أقرَّهم عليه الإسلامُ، وحثَّ عليه المسلمين، وجعَله من واجبات المسلمين وأولوياتهم الأخلاقية، وقد تميَّز العرب عن كثيرٍ غيرهم من الشعوب والثقافات بالمروءة، حتى إن كثيرًا من اللغات لا تملك مرادفًا لكلمة مروءة العربية).

يرى العرب بالمروءة أيضًا أنها "اكتمال الرجولية" أو اكتمال الشخصية أو اكتمال الخلق القويم بألفاظنا اليوم ما يجوز على الرجل والمرأة بالطبع، فالقيم واحدة، ومن المروءة: الحلم، والصبر، والعفو عند المقدرة، وقرى (إطعام) الضيف، وإغاثة الملهوف، ونصرة الجار، وحماية الضعيف.

واليكم هذه القصة من تراثنا العربي الأصيل: يُروى أنه طغى نهر في العراق وكاد يكتسح بيتًا صغيرًا تسكنه امرأة فقيرة وأولادها، فتبرع غنيٌ، بمائة دينار لمن ينقذ هذه المرأة وأولادها، فأخذ جنديٌ قاربًا واقتحم الخطر، وبعد برهة رجع معه المرأة ومن معها، فأعطاه الغني المكافأة، فأبى أخذها قائلًا: لا أبيع مروءتي بمال، أعطه لهؤلاء الجماعة ، فإنها في حاجة إليه.

وعموما ما ذُكرت المروءة عند العرب إلا وذكرت معها الشهامة التي يعرفها المؤرخ الكبير جواد علي كما ننقل من كتابه المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، أن الشهامة هي من صفات السيد الشريف النبيل. والشهم، وهو السيّد النجد، الذي إذا دعي أنجد، وإذا طلب أجاب.

تقول العرب: أربعة تُيبّس الوجه وتذهب ماءه وبهجته وطلاوته: الكذب، والوقاحة، وكثرة السؤال عن غير علم.، وكثرة الفجور. وأربعة تزيد ماء الوجه وبهجته: المروءة،والوفاء والكرم

والتقوى.

 

 

https://wordpress.com/view/baker2014.wordpress.com

 


[1] هو أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي أكبر قضاة آخر الدولة العباسية، صاحب التصانيف الكثيرة النافعة، الفقيه الحافظ، من أكبر فقهاء المسلمين والذي ألّف في موسوعته الضخمة في أكثر من عشرين جزءًا، ومن أهم كتبه أدب الدنيا والدين، الأحكام السلطانية، الامثال والحكم-الموسوعة الحرة.

 

التعليقات على خبر: صاحب العينين الفضاحتين!

حمل التطبيق الأن